الجمعة، 14 أبريل 2017

7- سلسلة الطاقة والموارد: تهديدات تواجه الدول الريعية مثل دول الخليج (Rentier states)



يحسد الكثير من العالم الدول الغنية بالموارد الطبيعية كونها تمتع بمخزون جيد واحتياطي عالي يسمح لها بضمان دخل سهل وسريع بحسب اعتقادهم. وعلى حسب فهمهم فإن هذه الدول قد حباها الله بميزة تفضلهم عن باقي دول العالم، وفي هذا الفهم قصور شديد للمعنى العام للنجاح على مستوى عالمي. فها هي الدول الغنية بالمواد الطبيعية تتحول إلى نقاط صراع وبلد للحروب ولنا في ما حدث في العراق وإيران وليبيا أكبر الأمثلة. أو تتحول الدولة لمطمع للاحتلال الأجنبي مثل الهند وجنوب أفريقيا، فتصبح النعمة نقمة على سكان هذه المناطق.
 
وعلى النقيض تماما قد تتحول هذه الدول إلى دول اتكالية تعتمد على النفط بشكل رئيسي ولا تقوم بتجهيز اقتصادها لمواجهة تقلبات النفط كما حدث في فنزويلا والتي تملك أعلى مخزون نفطي في العالم ولكنها تتصدر مؤشر التعاسة في العالم لثلاث سنوات متتالية، فالعبرة ليست بوفرة الموارد الطبيعية بل بقدرة الشعوب بعد توفيق الله سبحانه وتعالى على إدارتها وتحويلها إلى أصول منتجة بعيدا عن سعر الطاقة في العالم وتقلبات الأسواق.
 
نجد بأن دول الخليج قد قطعت شوطا كبيرا في هذا المجال فأكبر وأقوى مثال هو إمارة دبي والتي أصبح اقتصادها يعتمد على التجارة والخدمات بدلا من النفط. كما وتعتبر دولة قطر مثالا رائعا لتحويل الموارد الطبيعية إلى أموال سائلة ومن ثم إعادة استثمارها في البنية التحتية للبلد وكذلك من خلال توزيع الاستثمارات في الأسواق الناضجة والنامية عالميا، وإذا نظرنا إلى السعودية فنجد بأنها تأخرت عن دول الخليج كثيرا في سلك طريق تنويع مصادر الدخل، إلا إنها في آخر خمس سنوات تحركت بكامل ثقلها لتغيير مستقبلها الاقتصادي من الاعتماد على النفط والمنتجات النفطية إلى التصنيع و التجارة والخدمات وحتى السياحة.
 
 
واحة العلوم والتكنولوجا في مؤسسة قطر

 
سيقفز عدد كبير من السلبيين ويركزون على ما ضاع من فرص في الماضي وكيف بأن الوزير الفلاني أخطأ وكيف أضاع المدير الفلاني الفرص في عهده ولكن لا فائدة من البكاء على اللبن المسكوب، علينا بأن نصب جام تفكيرنا على الحاضر والمستقبل وكيف نعمل على جعلهم أفضل لنا ولأولادنا ولأحفادنا وبذلك نحقق الاستدامة كمجموعة وكأفراد.
 
ختاما أحب أن أختم بنظرة تفاؤل لما يحدث في دول الخليج من مبادرات جادة نحو تنويع الاقتصاد ومحاولة تنمية قطاعات كانت مهملة في السابق مثل الفنادق والسياحة والخدمات، قد لا نستطيع أن ننافس اليوم في المجال الصناعي بشكل قوي ولكن مواصلة الاستثمار في التعليم والتنمية البشرية سيكون الطريق الأفضل للوصول للمنافسة العالمية في جميع المجالات بإذن الله.
 
الكاتب:
م. يوسف محمد مراد الجابر
ماجستير الطاقة والموارد
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق