الأربعاء، 27 يوليو 2016

٥- سلسلة الطاقة والموارد: منظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك) الإنتاج والصادرات

التاريخ: ٢٧-٧-٢٠١٦
في متابعة للمقالات السابقة لفهم مدى قوة منظمة أوبك وما يميزها سنركز في هذا المقال على الإنتاج والصادرات وتكلفة البرميل. كما ذكرنا في أحد المقالات السابقة إن من شروط الانضمام إلى منظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك) هي أن تكون الدولة منتجة أولا للبترول ومن ثم يكون أغلب إنتاجها متجه للتصدير. ودول أوبك ال ١٤ (بعد انضمام الغابون رسميا بداية هذا الشهر) جميعها تحقق هذا الشرط إلا دولة واحدة وهي أندونيسيا. فهذا المقال لا ينطبق على أندونيسيا والتي تعتبر حالة استثنائية في أوبك، حيث تحولت عبر الزمن من دولة مصدرة إلى دولة مستوردة للنفط ومع ذلك فهي دولة عضو في منظمة أوبك. (حتى لا نطيل أو نتفرع في هذا المقال سنترك موضوع أندونيسيا لمقالات قادمة مستقبلا بإذن الله).
نتجه الآن للتركيز على إنتاج أوبك من النفط، حيث تنتج دول أوبك قرابة ال ٤٢٪ من الإنتاج العالمي من النفط، من المهم أن نتذكر بأن هناك أكثر من ٢٠٠ دولة وإقليم منتجين للنفط ولكن فقط ١٤ دولة تنتج حوالي ٤٢٪ من الإنتاج العالمي للنفط. كما أن غالبية النفط المنتج عالميا يتم استهلاكه محليا كما ذكرنا في مقال سابق فعليه فإن دول أوبك تكتسب أهمية اقتصادية وسياسية فلذلك نجد بأن الدول المصدرة للنفط نادرا ما تكون مستقرة سياسيا فالمطامع الخارجية والمصالح الدولية تفرض نفسها على الساحة بقوة.
بحسب أرقام سنة ٢٠١٤ فإن حجم الصادرات العالمية من النفط الخام يقدر بحوالي ٤٠ مليون برميل يوميا (تقريبا ٤٥٪ من الإنتاج العالمي يصدر) بينما تصدر دول أوبك ٢٢ مليون برميل يوميا أي حوالي ٥٥٪ من حجم الصادرات العالمي للنفط، هذا الرقم هو ما تحاول أوبك أن تحافظ عليه أو تزيده. وهنا تدخل روسيا بقوة فهي التي قلبت الموازين بعد انهيار الاتحاد السوفيتي وقررت أن تتحول إلى دولة معتمدة اقتصاديا على النفط. كما سنغطي في مقالات قادمة سياسة تصدير النفط وتكريره بإذن الله وكيف نحافظ على توازن اقتصادي ودور الشركات العملاقة في هذا التطور.
فلذلك فإن حصة منظمة أوبك من الصادرات العالمية للنفط هو الرقم الصاعد والمهم في تحديد أهمية منظمة أوبك في العالم وقوتها وهو أهم من حجم الاحتياطات والذي كان له الثقل الأكبر في الماضي كما ذكرنا في مقالنا السابق. كما ويهم أن نمر على حقيقة أن دول أوبك كانت تسيطر على ٦٥٪ من صادرات النفط في العالم في نهاية السبعينات ولكن التغيرات السياسية التي طرأت على حقبة السبعينات هي التي رسمت حاضر صناعة تصدير النفط حيث انخفضت النسبة إلى ٤٥٪ في فترة الثمانينيات ثم عادت وارتفعت وأصبحت تتراوح بين ٥٥٪ إلى ٦٠٪ من بداية حقبة التسعينات إلى وقتنا الحاضر.
وعليه من المهم على الدول النفطية وبالذات منطقة الخليج بأن تبدأ برسم خارطة طريق لمستقبل الطاقة ابتداءا من اليوم عن طريق عقول وطنية قادرة على رسم خطة وتصور للمستقبل، فما يحدث اليوم من تطورات خلال هذه الحقبة سترسم ملامح سوق الطاقة العالمي بعد ٢٠ أو ٣٠ سنة.
ختاما منعا للإطالة سنكتفي بهذا القدر ونترك موضوع تكلفة الإنتاج للبرميل لمقالنا القادم بإذن الله وذلك لأهميته في موضوع السيطرة على أسواق النفط. أتمنى لكم دوام الصحه والعافية وقراءة ممتعة ومفيدة
الكاتب:
م. يوسف محمد مراد الجابر
ماجستير الطاقة والموارد

الأربعاء، 20 يوليو 2016

٤- سلسلة الطاقة والموارد: منظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك) واحتياطات النفط في العالم

التاريخ: 20-7-2016
في المقال السابق ذكرنا ملخص عن المنظمة وكيف أنشأت وعدد أعضائها وركزنا على أهداف المنظمة ودورها المهم في مجال الطاقة والنفط في العالم. وفي هذا المقال نهتم بتسليط الضوء على بعض الأرقام المهمة حتى تتضح الصورة بشأن مدى قوة وتأثير المنظمة.

أولا نبارك لمنظمة أوبك انضمام الغابون مجددا إليها بعد غياب زاد عن عشرين عاما وهذا يضيف تقريبا 200 ألف برميل من النفط يوميا لصادرات أوبك، هو جزء صغير ولكن مؤثر لو نظرنا بأن في نفس الوقت قلت حصة الدول خارج أوبك ب 200 ألف مما يعني بأن الفرق هو 400 ألف برميل فاليوم من الصادرات. والقرار اتخذ في الاجتماع 169 ويعتبر فاعلا من تاريخ الأول من يوليو 2016.

إن أهم عامل في قياس قوة منظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك) هو قياس حجم الااحتياطات النفطية و حجم الصادرات والانتاج بالإضافة إلى تكلفة الإنتاج لبرميل النفط مقارنة مع الدول الأخرى. و في هذا المقال سنقوم بالتركيز على حجم الاحتياطات النفطية، تقدر الاحتياطات النفطية والتي تتحكم بها دول أوبك الثلاث عشر (قبل انضمام الغابون) بحوالي 81% من احتياطات النفط في العالم والتي تندرج تحت مسمى Proven Reserves أو الاحتياطات المثبتة (ملاحظة هذه التسمية مهمة جدا في فهم سوق النفط). وهذا المسمى قديم وبحاجة لتغيير معاييره فهو لا يعكس الواقع. حيث أن هذا المسمى لا يقبل المصادر الحديثة للنفط، بالذات النفط الصخري فعليه فإن هذه المصادر لا تدخل في الحسبة للاحتياطات لأن الحسبة تعتمد فقط على المصادر الاعتيادية (conventional resources of oil) وباستخدام التكنولوجيا الاعتيادية في استخراج النفط مع الظروف الاقتصادية المتاحة على المدى القصير والمتوسط.

في المقابل نجد بأن التقدم الثوري والذي غير معايير التحكم في النفط في العالم وكان سبب رئيسي لآخر انخفاض في سعر النفط وهو الوقود الصخري (Shale oil) لا يدخل حاليا في الاحتياطات المثبتة. إن الاحتياطات النفطية وحجمها كان الرقم الأهم في فترة السبعينات و الثمانينات حيث كانت تقاس قوة الشركات النفطية والدول بمدى حجم الاحتياطات النفطية المثبتة والمتاحة لديها، حيث كانت البيئة الاقتصادية في تلك الحقبة تؤمن بشح مصادر النفط ومحدوديتها. أما اليوم فكمية النفط الغير محسوب رسميا يفوق كمية النفط المحسوب. وأكبر احتياطي نفطي غير اعتيادي (unconventional resources of oil) في العالم يقع في أمريكا والصين وهم أكبر مستهلكين للنفط في العالم. مما يعني بأن ميزان القوة في عنصر الاحتياطيات النفطية هو ظاهريا يميل لدول أوبك إلا أنه واقعيا يصب لمصلحة الولايات المتحدة الأمريكية و الصين.
وفيما يلي دول أوبك وتقييم تقريبي لاحتياطات كل دولة كما وردت في عام 2014 من احتياطات أوبك:

1- فنزويلا 24.9% (من الاحتياطي العالمي 20.1%)
2- السعودية 22.1% (من الاحتياطي العالمي 17.9%)
3- إيران 13.1% (من الاحتياطي العالمي 10.61%)
4- العراق 11.9% (من الاحتياطي العالمي 9.64%) (هذا الرقم يفسر المطامع في السيطرة على العراق أو تقسيمة فقوة العراق في حقبة الثمانينات والتسعينات كبيرة أما اليوم كما ذكرنا سابقا بأن لعبة الاحتياطات النفطية أصبحت غير مؤثرة فنجد الإهمال أصاب القضية في العراق مقارنة بما كانت)
5- الكويت 8.4% (من الاحتياطي العالمي 6.8%)
6- الإمارات 8.1% (من الاحتياطي العالمي 6.56%)
7- ليبيا 4% (من الاحتياطي العالمي 3.24%)
8- نيجيريا 3.1% (من الاحتياطي العالمي 2.5%)
9- قطر 2.1% (من الاحتياطي العالمي 1.7%)
10- الجزائر 1% (من الاحتياطي العالمي 0.81%)
11- أنجولا والإكوادور 0.7% لكل دولة (من الاحتياطي العالمي 0.57%)
ختاما نجد بأن الاحتياطات المثبتة كانت الرقم الأهم في صناعة  وسوق النفط في السابق أما الآن فإن التطور التكنولوجي خفف من أهميتها. ونكتفي بهذا القدر في هذا المقال على أن نذكر باقي العناصر في المقال القادم بإذن الله.

الكاتب:
م. يوسف محمد مراد الجابر
ماجستير الطاقة والموارد

الجمعة، 8 يوليو 2016

٣- سلسلة خبر وتحليل: شركة فيستاس تهز العالم في مجال طاقة الرياح

التاريخ: ٨-٧-٢٠١٦

بداية كل عام وأنتم بخير وعيدكم مبارك، أعتذر عن عدم نشر مقال سلسلة الطاقة والموارد الأسبوعي وذلك لأن يوم الأربعاء صادف أول أيام عيد الفطر المبارك. ولكن أتمنى أن يلقى هذا المقال ترحيبا منكم لأنه في مجال الطاقة المتجددة وخبر مهم للمهتمين بهذا المجال.

بما إني متواجد في العاصمة الدنماركية كوبنهاجن و أمامي منظر أبراج التوربينات الهوائية (الذي نراه جميلا ويراه الأوروبيين قبيحا)، فقد بحثت عن آخر التطورات من أحد أكبر الشركات المنتجة للتوربينات الهوائية (wind turbines) والتي تنتج الكهرباء من طاقة الرياح.    

أعلنت شركة فيستاس (Vestas) الدنماركية بأنها بدأت بإنتاج الكهرباء من تصميمها الجديد والذي هو عبارة عن عمود واحد و أربع توربينات هوائية بدلا من توربين واحد كما جرت العادة. وقد تم نصب التوربينات في ساحة تابعة لكلية الدنمارك التقنية وبدأ بالانتاج الفعلي للطاقة بالأمس، حيث أن التصميم انتقل من مرحلة الفكرة (theory) إلى التجربة التطبيقية (pilot testing).

ترجع أهمية الخبر إلى أن تكلفة طاقة الرياح من الممكن أن تنخفض لو نجحت وطبقت هذه الفكرة إلى ٥٠٪ أي حوالي نصف التكلفة الحالية. ويعود ذلك إلى أن هذا التطور سيسمح للشركات المطورة لمشاريع مزارع طاقة الرياح (wind farms) بتقليل مساحة المشروع مع رفع كفاءة الانتاجية فالمربع المساحي الواحد (kWh/m2).

التحليل ببساطة تعتبر طاقة الرياح هي أرخص مصادر الطاقة في أوروبا وأمريكا في وقتنا الحالي ولا يقاربها إلا طاقة الألواح الضوئية (solar PV) بعد انهيار سوق السيليكون في ٢٠١١ ولكن كفاءة الألواح الضوئية في أوروبا منخفضة لقلة الإشعاع الشمسي. والآن لك أن تتخيل أن تكلفة طاقة الرياح الرخيصة أساسا ستنخفض أكثر مما قد يؤدي بأن تصبح طاقة الرياح هي أساس التوسع في مجال إنتاج الكهرباء في أوىوبا وأمريكا والصين حتى. السؤال هل سنجد دول الخليج تستفيد من هذا التقدم؟ الجواب نعم ونترك التفاصيل لمقالات سلسلة الطاقة والموارد في المستقبل بإذن الله. من المهم أن ننتبه أن أثر هذا التطور قد يصل ويهز أسواق الفحم والغاز الطبيعي بالذات فهم أساس إنتاج الكهرباء في العالم اليوم.

شركة فيستاس شركة دنماركية تأسست في ١٩٤٥ و يبلغ دخلها السنوي حوالي ٨.٥ مليار يورو مع أرباح تصل إلى ٦٨٥ مليون يورو. كما أن الشركة تمتلك سيولة تقدر ب ٢.٩ مليار يورو وتصرف سنويا على الأبحاث ١.٥٪ من دخلها ما يعادل ١٠٠ مليون يورو تقريبا.

نكتفي عند هذا القدر وعلى استعداد للإجابة على تساؤلاتكم بإذن الله فأرجوا أن لا تترددوا بطرح الأسئلة فالمقال قصير ولا يغطي كل الجوانب التقنية للموضوع.

الكاتب: 
م. يوسف محمد مراد الجابر 
ماجستير الطاقة والموارد