التاريخ: ٢٧-٧-٢٠١٦
في متابعة للمقالات السابقة لفهم مدى قوة منظمة أوبك وما يميزها سنركز في هذا المقال على الإنتاج والصادرات وتكلفة البرميل. كما ذكرنا في أحد المقالات السابقة إن من شروط الانضمام إلى منظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك) هي أن تكون الدولة منتجة أولا للبترول ومن ثم يكون أغلب إنتاجها متجه للتصدير. ودول أوبك ال ١٤ (بعد انضمام الغابون رسميا بداية هذا الشهر) جميعها تحقق هذا الشرط إلا دولة واحدة وهي أندونيسيا. فهذا المقال لا ينطبق على أندونيسيا والتي تعتبر حالة استثنائية في أوبك، حيث تحولت عبر الزمن من دولة مصدرة إلى دولة مستوردة للنفط ومع ذلك فهي دولة عضو في منظمة أوبك. (حتى لا نطيل أو نتفرع في هذا المقال سنترك موضوع أندونيسيا لمقالات قادمة مستقبلا بإذن الله).
نتجه الآن للتركيز على إنتاج أوبك من النفط، حيث تنتج دول أوبك قرابة ال ٤٢٪ من الإنتاج العالمي من النفط، من المهم أن نتذكر بأن هناك أكثر من ٢٠٠ دولة وإقليم منتجين للنفط ولكن فقط ١٤ دولة تنتج حوالي ٤٢٪ من الإنتاج العالمي للنفط. كما أن غالبية النفط المنتج عالميا يتم استهلاكه محليا كما ذكرنا في مقال سابق فعليه فإن دول أوبك تكتسب أهمية اقتصادية وسياسية فلذلك نجد بأن الدول المصدرة للنفط نادرا ما تكون مستقرة سياسيا فالمطامع الخارجية والمصالح الدولية تفرض نفسها على الساحة بقوة.
بحسب أرقام سنة ٢٠١٤ فإن حجم الصادرات العالمية من النفط الخام يقدر بحوالي ٤٠ مليون برميل يوميا (تقريبا ٤٥٪ من الإنتاج العالمي يصدر) بينما تصدر دول أوبك ٢٢ مليون برميل يوميا أي حوالي ٥٥٪ من حجم الصادرات العالمي للنفط، هذا الرقم هو ما تحاول أوبك أن تحافظ عليه أو تزيده. وهنا تدخل روسيا بقوة فهي التي قلبت الموازين بعد انهيار الاتحاد السوفيتي وقررت أن تتحول إلى دولة معتمدة اقتصاديا على النفط. كما سنغطي في مقالات قادمة سياسة تصدير النفط وتكريره بإذن الله وكيف نحافظ على توازن اقتصادي ودور الشركات العملاقة في هذا التطور.
فلذلك فإن حصة منظمة أوبك من الصادرات العالمية للنفط هو الرقم الصاعد والمهم في تحديد أهمية منظمة أوبك في العالم وقوتها وهو أهم من حجم الاحتياطات والذي كان له الثقل الأكبر في الماضي كما ذكرنا في مقالنا السابق. كما ويهم أن نمر على حقيقة أن دول أوبك كانت تسيطر على ٦٥٪ من صادرات النفط في العالم في نهاية السبعينات ولكن التغيرات السياسية التي طرأت على حقبة السبعينات هي التي رسمت حاضر صناعة تصدير النفط حيث انخفضت النسبة إلى ٤٥٪ في فترة الثمانينيات ثم عادت وارتفعت وأصبحت تتراوح بين ٥٥٪ إلى ٦٠٪ من بداية حقبة التسعينات إلى وقتنا الحاضر.
وعليه من المهم على الدول النفطية وبالذات منطقة الخليج بأن تبدأ برسم خارطة طريق لمستقبل الطاقة ابتداءا من اليوم عن طريق عقول وطنية قادرة على رسم خطة وتصور للمستقبل، فما يحدث اليوم من تطورات خلال هذه الحقبة سترسم ملامح سوق الطاقة العالمي بعد ٢٠ أو ٣٠ سنة.
ختاما منعا للإطالة سنكتفي بهذا القدر ونترك موضوع تكلفة الإنتاج للبرميل لمقالنا القادم بإذن الله وذلك لأهميته في موضوع السيطرة على أسواق النفط. أتمنى لكم دوام الصحه والعافية وقراءة ممتعة ومفيدة.
الكاتب:
م. يوسف محمد مراد الجابر
ماجستير الطاقة والموارد
م. يوسف محمد مراد الجابر
ماجستير الطاقة والموارد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق