التاريخ: ٣-٨-٢٠١٦
إن أساس التنافسية في أي مجال من مجالات الأعمال يتوقف بشكل كبير إلى قدرة المتنافسين على توفير السلعة المطلوبة بتكلفة أقل وسعر أقل. ولا يختلف سوق النفط عن باقي الأسواق خاصة وأن النفط يعتبر سلعة أساسية ومتوفرة من أكثر من مصدر (commodity) كما ذكرنا في مقالات سابقة. وعليه فإن دول أوبك لها اليد العليا في هذا التنافس حيث أن دول أوبك تتميز بسهولة الوصول إلى مكامن النفط فيها مما يسهل إنتاجه. وفي هذا المقال سنحاول أن نركز على شرح العوامل المختلفة والتي تؤثر على سعر تكلفة إنتاج البرميل.
من أهم العوامل التي تؤثر على تكلفة استخراج برميل النفط هو سهولة الوصول للمكامن النفطية (oil reservoir) فقد تكون هذه المكامن برية أو بحرية. واستخراج النفط من المكامن البرية أقل تكلفة وتعقيدا من المكامن البحرية في الغالب. فمثلا النفط المستخرج في دولة قطر من حقل دخان البري أقل تكلفة من حقل الشاهين البحري. كما أن عمق المكامن تؤثر أيضا على تحديد كلفة استخراج النفط. فكل ما ازداد عمق الآبار زادت تكلفتها.
على الجانب الاخر نجد بأن عمر البئر يؤثر أيضا في تكلفة الإنتاج فالآبار الجديدة يوجد بها تدفق طبيعي نتيجة لضغط باطن الارض، بينما بعد عدة سنوات يبدأ هذا الضغط بالإنخفاض، مما يدعو الشركة المشغلة للحقل بأن تقوم بعملية صيانة وتقرر بأن تستعين بوسائل دعم لرفع الإنتاج مثل المضخات الكهربائية أو الغاز المضغوط وغيرها من طرق تحسين إنتاج النفط (Enhanced oil recovery EOR).
كما نجد بأن عامل آخر مهم ومؤثر في تكلفة إنتاج النفط هي الكفاءة الإدارية والتقنية لدى الشركة المشغلة. فبعض الشركات تعين عدد كبير من الموظفين الذين لا يساهمون في رفع الإنتاج ولكنهم يرفعون تكلفة الإنتاج. وكذلك استغلال التكنولوجيا الحديثة مثل التصوير الطبقي ثلاثي ورباعي الأبعاد (3D and 4D seismic) للقيام بوضع أفضل خطة لتطوير الحقل وحفر الآبار. وهذه التقنيات متوفرة لدى الشركات الضخمة وبالرغم من تكلفتها المرتفعة إلا أنها تساهم في خفض سعر التكلفة على المدى البعيد والمحافظة على حقول النفط.
بالنسبة لدول منظمة أوبك فنجدها الأقل تكلفة في العالم من حيث استخراج النفط مقارنة مع باقي الدول، ولذلك تضمن هذه الدول مكانتها كجاذب للاستثمارات العالمية للوصول إلى أسعار تنافسية وأرباح جيدة حتى مع انخفاض أسعار النفط في العالم. فنجد بأن الكويت والسعودية يكلف استخراج النفط فيها من حقولها البرية حوالي ٨ دولار للبرميل. بينما نجد فنزويلا كأعلى تكلفة بين دول أوبك وتكلف حوالي ١٦ دولار للبرميل. وهذه التقديرات هي أرقام غير رسمية ولكنها تعطينا فكرة جيدة عن تنافسية تكلفة الإنتاج خاصة بأن المصادر نفسها تضع تقديرات للنفط الكندي بحوالي ٢٢ دولار للبرميل ونفط بحر الشمال الأوروبي بحوالي ٣٠ دولار للبرميل.
وحتى لا نطيل في هذا المقال نختم بتوضيح بسيط بأن أسعار تكلفة إنتاج البرميل هي من أهم العوامل التي تحدد الاستثمارات والتنافسية في سوق النفط والتي تتفوق فيها دول أوبك ودول الخليج بشكل شبه مطلق. ولكن لا نغفل بأن هناك عامل مهم أيضا لدول منظمة أوبك وهو تسعيرة برميل النفط لتحديد ميزانية الدولة وهو أمر مختلف تماما عن تكلفة البرميل سنتطرق إليه في مقالات مستقبلية بإذن الله.
الكاتب:
م. يوسف محمد مراد الجابر
ماجستير الطاقة والموارد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق